jeudi 27 décembre 2012

بعد الربيع العربي

الديني المحافظ من اخوانيين و نهضويين و سلفيين و ما إلى ذلك إلا أن حالة الحرية التي تلت الإنتفاضات و التي قضت على حكومات الحزب الواحد الدكتاتورية أفرزت نوعاً من الإنفراج السياسي و حرية التعبير المقموعة في السابق من طرف السلطة السياسية (و التي لا أظن شخصياً أنها ستفتك من الشعب ثانية بما أنه إفتكها بنفسه و ليس بقرار سياسي) و بالتالي تحقق العنصر الأول من المسار التطوري وهو إنتفاء السلطة السياسية. لكن مازال امامنا عقبتين لا يمكن تجاهلهما وهما: السلطة الإجتماعية الممثلة في العقلية السائدة من عادات و تقاليد رجعية إضافة إلى جهل ثقافي نتيجة التصحر في الساحة الثقافية طيلة عهد حكومات الحزب الواحد إضافة إلى عقبة السلطة الدينية الممثلة في الإسلام السياسي الذي يستغل جهل الناس من جهة و طابع الشعب المحافظ من جهة أخرى لتمرير مشاريعه

العوائق التي تحول دون

تزدهر إن لم تتحرر من كافة العوائق و السلط التي تحد من تطورها وهي المنقسمة على ثلاث سلط تدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة و تفرض مسلماتها على المعرفة العلمية و الفكرية للشعوب. هذه السلط هي: السلطة السياسية و السلطة الدينية و السلطة المجتمعية. و لتبين ذلك سنأخذ مثالاً نابعاً من ديارنا العربية الإسلامية. وهو العهد الذهبي العباسي و الأندلسي الذي إنطلق من خلافة المأمون التي ابتدأت في 813 ميلادي. قام الخليفة بقمع الحنابلة و رميهم في السجون و هم ممثلو السلطة الدينية المحافظة و بالتالي تم القضاء على السلطة الدينية و فراغات الساحة أمام التنوريين من المفكرين المعتزلة حتى يحتك بدون حجاب مع العامة. في نفس الوقت طبيعة المأمون المعتزلية جعلته يقارب أهل العلم العقلانيين من مجلسه و يمكنهم مفاصلة الدولة و بالتالي هناك نوع من الإنفراج السياسي أمام المعرفة العقلانية. و في جانب أخر حدث نوع من التسامح الإجتماعي نتيجة تلاقح

التطور المعرفي

بمعنى في مجتمع واحد، من ينتج معرفة؟ انهم الخاصة أو ما يسمى النخبة تلك التي تفكر و التي تمتلك الوسائل و الأدوات الضرورية لتنظِّر و تنتج معرفة جديدة. و تلك النخبة عادة ما تكون على مستوى فردي و بمجهود فردي و بالتالي يمكن أن تجدها في جميع العصور حتى الأكثر ظلامية فيها كالقرون الوسطى الأوروبية و قرون الإنحطاط العربي الإسلامي. لكن متى نتحدث عن ثورة معرفية؟ نتحدث عنها عندما تخرج من طابعها الفردي و تتحول إلى تيار جماعي يشمل حتى العامة في تفاعلها مع كتابات النخبة. إذ ما المنفعة من مفكر عملاق يكتب نظرية عملاقة إذا لم يقرأ كتبه أحد؟ إذاً المعضلة لا تتعلق بالإنتاج الفكري و انما بكيفية إنتقال المعرفة من النطاق النخبوي إلى النطاق الجماعي. ماهي 

ما معنى التطور الحضاري؟

ما بعد الربيع العربي، يجب إيضاح الخطوط العريضة لمسار التطور بصفة عامة ومن ثم المقارنة مع احداثيات الإنتفاضات العربية. 
أول تساؤل يعترضنا هو: ما معنى التطور أو التقدم؟ و أمام تعدد المفاهيم ما هو المفهوم الذي يجب اتباعه؟...
لنبدأ بأول مفهوم بديهي وهو التوسع الجغرافي. أي نقيس مستوى تطور الدول حسب كثرة مستعمراتها و إتساع مجالها الحيوي. لكن في هذا المجال يخبرنا التاريخ أنه ليس بالضرورة الدولة المترامية الأطراف دولة متقدمة. فهاهي أكبر إمبراطورية في التاريخ وهي المغولية مرت مرور الكرام و لم تخلف وراءها أي إنجاز يفيد الإنسانية و هاهي الأرخبيليات اليابانية على ضيقها تنتج للإنسانية علماً فاق كل تصور و تتبع العالم بإنجازات خاصة بها ستستمر من بعدها من دون شك. هنا نمر إلى التعريف التالي وهو الأكثر صموداً: التطور من خلال الإنتاج المعرفي و التأثير الثقافي (الذي قد يمهد لسلطة إقتصادية). كيف نصبح سباقين في ميدان المعرفة؟ ذاك هو السؤال الأهم.